كشفت صحيفة “الاخبار” ان ثلاثة مليارات ومئة مليون دولار اختفت من “جَيب” الدولة اللبنانية. هذه المليارات الثلاثة التي وصلت على شكل هبات، كانت قد مُنِحت للدولة اللبنانية بين عامي 2005 و2007. ومن ضمنها، كانت مساعدات “حرب تموز” التي تُعادل ثُلث المبلغ تقريباً.
وتابعت الصحيفة في مقال للكاتب رضوان مرتضى انّ ما أثار الشبهة أنّ هذه المبالغ وُضِعت في حسابٍ خاص، مستقل عن حساب خزينة الدولة، يُحرَّك حصراً بقرار من رئيس الحكومة، عوضاً من وضعها في خزينة الدولة. أما الذريعة التي بُررت فيها هذه “الفِعلة” فهي “رغبة الواهب”.
وتابع الكاتب في مقاله ان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة لم يكتف بذلك، بل لم يسمح لأحد بأن يطّلع على كيفية صرف هذه المبالغ. حتى المدراء المعنيون في وزارة المالية لم يُسمح لهم بالاطّلاع على كيفية صرف أموال الهبات.
وبناءً على ذلك، تابع الكاتب، تبعاً للشبهات التي أُثيرت بشأن مصير المليارات الثلاثة، تقدّم النائب حسن فضل الله بإخبار لدى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي رغم أنّه بدأ بتحقيقاته القضائية منذ تسعة أشهر، إلا أنّه لم يتوصّل إلى أي نتيجة تُذكر بعد. ولم يُعرف إذا كان القاضي ابراهيم قد طلب أصلاً من مصرف لبنان رفع السرية المصرفية عن حساب الهيئة العليا للإغاثة لكشف مسار الأموال ومصيرها.
طريقة صرف تلك الأموال لم تثر الشبهة محلياً فقط. حتى السعودية أرسلت في الأعوام التي تلت موفداً لمعرفة مصير 500 مليون دولار كانت قد تبرّعت بها، ووجهة صرفها.
الى ذلك وضع المدير العام لوزارة المالية، ألان بيفاني، تقريراً مفصّلاً من نحو 300 صفحة، مدعّماً بآلاف الصفحات من المستندات، يخلُص فيها، في ملف الهبات، إلى وجود 3 مليارات و100 مليون دولار لم يُعرف مصيرها لكونها لم تدخل حسب الأصول إلى حسابات المالية العامة. وبحسب المتابعين لهذا الملف، رغم مرور 12 عاماً على تسلّم الهبات، لم يُعرف كيف صُرفت هذه الأموال أو أين ذهبت أو من استفاد منها، وسط تداول معلومات عن صرف جزء منها لغير المستحقّين عبر دفعها على هيئة مال سياسي خلال الانتخابات النيابية. وفي هذا الملف، اطّلعت الصحيفة على مستندات جديدة على شكل تقارير مرفوعة إلى وزير المال أحيلت على القضاء، تبيّن حجم الهبات التي قبِلتها الحكومة اللبنانية آنذاك.
ففي أحد المستندات، يُذكر أنه قد تبين أنّ «الواردات الإضافية المقدّرة من الهبات بلغت ٢٨١،٤٣٣،٨٦٠ ليرة لبنانية، علماً أنّ المحصّل منها يبلغ ١٥،٠٧٥،٠٠٠ ليرة لبنانية. غير أنّ كاتب التقرير يُشير في المستند المذكور إلى أنّ «التدقيق في المستنذات ذات الصلة بالهبات أظهر بأنّ الهبات التي قُبلت بمراسيم أو قرارات صادرة عن مجلس الوزراء بلغت قيمتها ١٢٧،١٨٢،٥٦٧،١٠٦ ليرة لبنانية، وذلك وفقاً لكتاب رئيس المحاسبة في وزارة المحاسبة المالية خليل يوسف المسجّل في تشرين الأول عام ٢٠٠٩. هذا يُظهر حجم التلاعب أو ما يمكن أن يُصطلح على تسميته بالفوضى المنظّمة لتضييع حقيقة حجم الهبات التي لم تُدوّن على أنّها واردات إلى الخزينة العامة.
كذلك تُشير المستندات إلى أنّ الهبات المحقّقة لا تتضمن قيمة الهبات النقدية التي تمّ قبولها فعلياً بموجب مراسيم أو قرارات صادرة عن مجلس الوزراء، إذ «لم تقم مديرية الخزينة بإيداعنا بيانات الواردات المحققة وتحصيلاتها». ويظهر من المستند أنّ هذا الملف أثير مراراً خلال الاجتماعات التي كانت تُعقد في مديرية المالية العامة، فضلاً عن أنّه قد أُرسلت عدة طلبات متكررة بشأن الإفادة عن مصير الهبات النقدية التالية: ٤٥٠،٩٣٣،٨٦٠ ليرة لبنانية وهبة بقيمة ٧١،١٥٤،٠٥١ يورو، وهبة بقيمة ٦،٧٩٣،٨١٤ ملايين دولار أميركي، وهبة بقيمة٤٠،٠٠٠،٠٠٠ يوان صيني.