أفرِغت الصيدليات من الأدوية ، وبات المواطن اللبناني يستجدي حبة الدواء ، لتضاف إلى سلسلة المآسي الواجب على هذا الشعب أن يتكيّف معها ، في طل شريعة الغاب وغياب الدولة التي تراقب وتفرض سلطتها.
دولة مستمرة في ملاحقة بائع عربة “فول” عمره تسعون عاماً ، فتستنفر بفصيلة كاملة لمصادرة عربته وتسطير محضر ضبط بحقه ، وتلاحق ناشط شاب وسط ساحات الوطن لسنواتٍ طوال بتهم باطلة وكاذبة ومضحكة ، وتلاحق رجلاً امتنع عن إجراء معاينة ميكانيك أو دفع قسط ضريبي لإدارة ما ، لكنها تتفرّج على سرقة وطن بأكمله.
فإلى جانب ما كُشف سابقاً، أفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أن فصيلة التفتيشات في سرية قوى الأمن الداخلي في المطار، تتابع مكافحة عمليات تهريب الأدوية من لبنان. وفي هذا الإطار، تمكنت ليل أمس وصباح اليوم من إحباط عمليتي تهريب، واحدة الى مصر مخبأة بطريقة مبتكرة، حيث عمد المسافر إلى تعبئة الأدوية في علب الدخان، بعدما تمت إزالة الدخان منها، وأخرى الى العراق ، وقد احيلت الأدوية المهربة والأشخاص المهربون الى فصيلة الضابطة الإدارية والعدلية في المطار لمتابعة التحقيقات.
كذلك تم منع كمية من الأدوية موضبة داخل بريد دبلوماسي عائد الى إحدى السفارات.
وزير الصحة أعلن عن بدء إنهيار مافيا الدواء في لبنان ، لكن هذا لا يتمّ بصورة عرضيّة ، بل يحتاج لبدء الدولة تنظيف ذاتها من الداخل ، لأنه لا شيء يحصل دون علم جهات في الدولة وتسهيلها لتلك العمليات!
وطالما أنّ الدولة غير مستعدة لمثل هذا السلوك ، فلن تجدي الصراخات نفعاً ولا الزيارات والملاحقات!
وهنا طبعاً نتحدث دون أن نأتي على إحتمال آخر ، وهو دور الدولة نفسها في تغيير معادلة دعم الدواء عبر إختلاقها مع المافيات هذه الأزمة ، لتتحجّج لاحقاً برفع أوّلى للدعم عن الدواء بحجة استفادة المافيات من فارق الأسعار ، ليتحمّل وحده الفقير عبئاً إضافياً، هو أصلاً بدأ بتحمله في ظل عمليات بيع لما تبقّى من دواء لدى قسم كبير من الصيدليات بأسعار مضاعفة ، مستغلين حاجة الناس لها.