خاص تحقيقات
وضعونا كالحيوانات الشاردة في مواجهة بعضنا ، تلك هي المقولة الأصح لدهر أو ربما قرون من المعاناة لشعوب عربية إبتلاها الله أو إبتُليت بما جنته يداها من أمراض خطيرة فشل أنجح الأطباء في إستئصالها ألا وهي داء الطائفية والإنبعاثات السامة المُنبعثة من أفواه متدينين إرتضوا أن يتخذوا من أشرف الأديان منبراً للتحريض المُفتعل لقاء حفنة من المال يوم لا ينفع فيه لا مال ولا بنون .
الأهم من كل ما سبق أن مجموعة عددية في مجتمع سلطوي خطير قررت أن تُجسد تلك المقولة آنفة الذكر بطريقتها الخاصة ضمن مسرحية مُتماسكة بإمكانيات ذاتية متواضعة وحضور جماهيري مُلفت مؤمن بإبداع هذه المجموعة الشبابية وبما ستُجسده من أفكار تتطرق خلالها إلى الحالة من السوداوية والضبابية التي تعيشها الساحة اللبنانية ومنها الطرابلسية من تدفق الآلاف من النازحين السوريين ممن فرقتهم الحرب ودمرت ممتلكاتهم وأرزاقهم .
مضمون المسرحية ذات طابع أخلاقي إنساني وضع مصير الشباب السوري متلازم مع شقيقه اللبناني في المعاناة دون حاجة للتمييز السلبي الذي يصدر ممن لا يعرفون من الأَخوة شيئاً ، وهذا الوضع بطبيعة الحال يفرض أخذ قرار الهجرة ، الخيار المُر الذي لا بُد من تذوقه ، فيُهاجر الشاب كما الطفل والعجوز بحثاً لا عن مستقبل أفضل فحسب بل وكذلك عن وطن بديل .
واللافت أن المسرحية لا تُشجع الشباب على الهجرة بقدر ما تلفت عناية من يعنيهم الأمر ، مع أن الأمر بتهجيرنا جميعاً من اوطاننا قد إتُخذ ، بقدر ما تهدف إلى وضع الخيارات أمام الملأ بأن الإستمرار في الوضع المُعقد قد يدفعنا إلى ما هو أبعد حتى من خيار الهجرة ذاته
“نصيحة لا تجوا” ، عنوان المسرحية التي حصدت شعبية هامة والتي ما كانت لتجنيها إلا بمزيد من الحرص والإصرار والجهد والمتابعة لشابين تخطيا واقعهم إلى ما يطمحوا إليه ، أحمد العمود وطه برغل وما كانت لتكتمل لولا السيناريو والإخراج المُتقن للمخرج باراك صبيح
ولكن للمتابعين نقول “نصيحة تعوا” لحضور هذا العرض المسرحي التي نأمل أن يحظى بإهتمام ما ونحن مع أي جهد فردي كان أم جماعي ودائماً إلى جانب الشباب المُبدع