لأن الدولة اللبنانية “فيها البركة” ، ومسؤولينا دائماً ما يشعرون بالمضايقة اذا ما هاجمهم أحد من المواطنين ، ويحاولون تبرير حقارتهم ورذالتهم ووقاحتهم وفسادهم ، بمفردات ملتوية ، ولأننا حقاً نعيش في دولة العدل ، الدولة المتطورة والساعية للنهوض بواقع بلدها وظروف مواطنيها.
فإن ما شاهدناه اليوم من فيضانات ، هو ليس نتاج انهيار للتربة والطرقات وطوفان المجارير ، بل انه في الحقيقة عبارة عن مسابح داخلية بالمجان سعت دولتنا الكريمة لتأميتها للمواطنين في فترة الشتاء ، علّها تكون بذلك قد وقفت معهم في محنة جنون الطبيعة وغضبها.
فأهلاً بكم في مسبح الضبية الشعبي برسم دخول 2000 ليرة لبنانية فقط ، ومسبح خلدة الذي سيضارب حتماً على الكثير من المسابح هناك برسم دخول 1500 ليرة ، ولا ننسى مسبح الكولا وحي السلم وطرابلس الكبير ومثلهم في كل منطقة.
فأيُّ عهر ذاك الذي يتّسم به كل النواب والوزراء من دون استثناء ، أي عهر هذا الذي يجعلهم لا يخجلون من رؤية الناس تغرق على الطرقات ، وتجعل حتى المركبات عاجزة عن السير في المناطق الساحلية وعلى الاوتوسترادات ، فجسر الضبية غرِق عن بكرة أبيه ، ومعه عاشت العاصمة أجواء قاسية جداً ، فضلاً عن انهيار شبه تام لأساسات جسر الكولا ، وفيضان منطقة المدينة الرياضية والرحاب وحي السلم وخلدة وغيرها.
دون أن ننسى ما حلّ بأهالي طرابلس وعكار ومعظم قرى وبلدات الشمال ، من فيضانات كبيرة وبشعة ، والحال ذاته في البقاع الذي عانى الآخر بالاضافة الى ماساة انجراف التربة من انقطاع تام للكهرباء ، وليست المناطق الاخرى بأفضل حالٍ على الاطلاق.
طرق واسعة انهارت بأكملها ، تربة انجرفت بشكل شبه تام ، سيول اجتاحت البيوت ، سيارات علقت تحت رحمة الطرقات المتفسخة ، وفي المقابل كتل نيابية تجتمع فقط لتطلق العناد السياسي في حق بعضها ، دون ان تكترث انها تمثل أمة وناس وبشر في هذا البلد ، وحكومة ووزراء “يا دوب يقدروا يصَرْفُوا لي بمعدتون ليس إلاّ.”
تصبحون على وطن ، عندما يعي المواطن أنه مواطن.