Tahkikat News مجلة الكترونية يومية شاملة
مقالات مشابهة
رصد ومتابعة- خاص شبكة تحقيقات الإعلامية
جوليا أحمد
أنهك السرطان الكثير من أجسام اللبنانيين وخصوصاً الأطفال منهم والشباب. فقد بلغت نسبة الإصابة بالسرطان حوالي تسعة آلاف وفاة و17 ألف إصابة عام 2018 حسب ما كتبت هديل فرفور في صحيفة الأخبار مشيرة الى أن لبنان احتل المرتبة الأولى بين دول غرب اّسيا بالإصابة بهذا المرض قياسا” بعدد السكان بحسب تقرير صدر حديثا” عن منظمة الصحة العالمية، وخوفا” من الإصابة بهذا المرض يكتفي اللبنانيون بتسميته “هيداك المرض”.
يتولّد السرطان من جراء ضرر (تغيّر/ طفرة) يحصل في سلسلة من الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسجين الموجودة في (Deoxyribonucleic Acid – DNA) الخلايا.
تقوم أجسامنا بتخليق خلايا جديدة بشكل مستمر حتى تتم عملية النمو، واستبدال الخلايا الميتة، أو لمعالجة الخلايا التالفة بعد الإصابة بجروح.
توجد جينات معينة تتحكم في هذه العملية، ومن ثم فإن مرض السرطان يحدث نتيجة لتلف تلك الجينات الذي عادة ما يصيب الإنسان في حياته، وذلك على الرغم من قلة عدد الأفراد الذين يرثون جينات تالفة من أحد الأبوين.
وبشكلٍ عام، فإن الخلايا تنمو وتتكاثر بطريقة منظمة، ولكن قد تؤدي الجينات التالفة إلى تصرف الخلايا بشكل غير طبيعي، فقد تنمو الخلايا مكونةً كتلة يطلق عليها ‘ورم’.
قد يكون الورم حميداً أو خبيثاً، عندما ينمو الورم الخبيث لأول مرة، يكون محدود في المكان الذي انتشر في، ولكن إذا لم تتم معالجة تلك الخلايا فإنها قد تنتشر خارج حدودها الطبيعية لتصيب الأنسجة المجاورة، ويطلق على الورم في هذه الحالة “سرطان غزوي”.
تختلف اعراض مرض السرطان من حالة إلى أخرى، تبعاً للعضو المصاب بمرض السرطان، فهناك من يعاني من تعب- ارتفاع درجة الحرارة- ظهور كتلة تحت الجلد- سعال مستمر- بحة في الصوت- صعوبة في البلع الخ.
لهذا المرض أسباب بيئية عدة تدخل الى أجسامنا من خلال الطعام والتنفس، ففي ظل غياب معامل فرز النفايات وإعادة تدويرها، وغياب معامل تكرير المياه وفقدان المعامل التي تقوم بتكرير مياه الصرف الصحي، يتم تحويل كل مياه الصرف الصحي الى أنهار لبنان وبحره. فتتراكم جبال النفايات الى أعلى قمم الطبيعة اللبنانية لتتغلغل في ترابها و تنشر رائحتها المضرة في كل أنحاء لبنان.
من بين هذه الملوثات يعتبر نهر الليطاني في البقاع اللبناني أحد أهم العوامل الأساسية للإصابة بهذا المرض اللعين وقد تم تسجيل حالات وفاة عدة وبنسبة عالية خصوصا” في البقاع، فهناك بلدات بأكملها تعيش هاجس الموت اليومي نتيجة هذا المرض اللعين، فضلاً عن تنظيم عشرات الوقفات الإحتجاجية ولكنها لم تصل لأسماع المسؤولين ممن لا ينعمون بروائح النفايات والخوف من خسارة أبنائهم بالشكل الفجائي.
نهر الليطاني أطول الانهر اللبنانية ينبع من غرب بعلبك في سهل البقاع ويصب في البحر المتوسط شمال مدينة صور، يبلغ طوله 170 كلم ينبع ويجري ويصب في لبنان، ولكن هذا النهر تعرّض للعديد من الملوِّثات كتلك الناتجة بشكل رئيسي عن المصانع وكذلك النيترات والفوسفات الناتجة أساساً عن النشاط الزراعي ولكن الملوث الأساسي هو مياه الصرف الصحي الذي يحتوي على جميع فضلات المستشفيات الموجودة في البقاع عدا عن تحويل بعض مجاري الصرف الصحي المنزلية إليه.
يؤدي هذا الشيء الى إنتشار الحشرات بنسبة عالية وكمية كبيرة وبالتالي تنقل هذه الحشرات الأمراض الى سكان البقاع وهكذا دواليك.
لذلك يطمح البقاعيين ويطالبون بشدة من الدولة اللبنانية إزالة جميع النفايات الموجودة في النهر وتحويل مجاري الصرف الصحي الى مجراها الأساسي وليس في نهر الليطاني.
إضافة الى ذلك، يقترح سكان المنطقة بعض الحلول من بينها إقامة محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، إلزام مصانع تحويل الإنتاج الزراعي ومعامل إنتاج الألبان والأجبان والمسالخ بتجهيز منشآتهم بمحطات معالجة للسوائل والفضلات الناتجة عن عملية التصنيع، وبث الوعي الدائم لدى كافة شرائح المجتمع عن مدى الضرر الحاصل في حال إستمرار الوضع على ما هو عليه.
والاّن كل ما يجب فعله هو إلتزام الدولة اللبنانية بوعدها التي لطالما وعدت به البقاعيين القيام به بأقرب وقت ممكن وعلى أكمل وجه وهو حل أزمة نهر الليطاني بشكل نهائي والتخفيف من معاناتهم مع هذا المرض الخبيث الذي يجعل الجسم البشري يتاّكل حتى موت جميع خلاياه.
فهل تُعلن الدولة اللبنانية النفير العام، أم تبقى على موقفها لناحية اعتبار البقاع اللبناني بأكمله محافظة مسقلة خارج سلطتها ونطاقها؟!
