Tahkikat News مجلة الكترونية يومية شاملة
مقالات مشابهة
أيديولوجية الجهل بقلم الشيخ عباس حرب العاملي
الجهل ليس ظاهرة بريئة تنجم عن نقص في المعلومات، بل ظاهرة مسؤولة، تنطلق من معرفة يقينية، وتتميز بالقدرة على تسخير جميع أنواع الأسلحة.
لفرض حلولها بنجاح في معركة لها هدف صاعق واحد، هو أن ينتصر الباطل على الحق بأي وسيلة وبأي ثمن.
وهنا نريد أن نميز بين الجهل والأمية، فالأمي حسب هذه النظرة شخص محايد أما الثاني فهو منحاز إلى مايعتبره حقا والحوار معه يفقد منطقيته وهدفه وأخلاقياته.
هذا النموذج نقابله في كل مكان وزمان، ففي كل موقع نجد أشخاصا يعبرون عن معرفة مشوهة للواقع والحياة، يرددون آراء وخرافات سمعوها من هنا وهناك دون توقف لمناقشتها يكررون أفكارا ثبت بطلانها لأن نظرية المؤامرة تنهش عقولهم.
باطلاع سطحي وجهد قليل يعطون لأنفسهم الحق في الخوض والجدل في موضوعات لا يفقهونها، هذا النوع من البشر خطر، لأنه يؤثر بجهله في كل موقع ودون أي مسؤولية، في أسرته في عمله بين معارفه.
من المؤسف أن التعليم الذي من المفترض أن يساهم في إحداث نقلة في طرق تفكير الناس ويجعلهم أكثر وعيا وانفتاحا قد ابتلي بهذه الآفة، فالمعلومات والمفاهيم الخاطئة ترسخ في الأذهان.
وبالتالي تكون التصورات مشوشة ومتناقضة والرؤية ضعيفة والشخصيات مهزوزة، الخطاب الإرشادي التربوي وأساليبه لا يتناسب مع الواقع الذي نعيشه، القرارات تتخذ دون تحليل علمي وتربوي، وحلول المشكلات لا يدخل ضمن قانون السبب والنتيجة لأنها ’تعتمد بمنأى عن التقارير والمعلومات حتى لو توفرت، المقترحات الجيدة تحارب من ذوي المصالح الضيقة.
الاختيار للوظائف المهمة لا يجري وفق معايير موضوعية، كل ذلك أدى إلى حالة من الفقر الفكري يسهل معها تغييب الأخطاء والحقائق والانبهار بأي فكرة أو تجربة أو شخص.
للجهل قدرة على النمو والتعمق والانتشار، ومواجهته صعبة، لأن الجهل ضد المعرفة والمنطق، ضد الحق، ضد المرونة والحرية، ضد القانون والعدالة، ضد التسامح والإقرار بالخطأ،
ألم يقل الامام علي (ع) :
“ما جادلت عالما إلا غلبته، وما جادلت جاهلا إلا وغلَّبَني”..!.
